برنامج ترقية وتنمية الواحات في موريتانيا
بإشراف وزارة الزراعة، الجمهورية الإسلامية الموريتانية
الدكتور زين العابدين ولد بونة عبد الله
أستاذ في جامعة نواكشوط العصرية
مستشار مشروع ترقية وتنمية الواحات
1 ـ السياق:
مشروع ترقية وتنمية الواحات يشكل امتداداً للأنشطة والعمليات التي تم إنجازها من لدن وزارة الزراعة في إطار تنمية الواحات وهو جزء من إستراتيجية تنمية القطاع الريفي التي تم إعدادها في إطار إستراتيجية النماء المتسارع والرفاه المشترك التي تم اعتمادها من طرف الحكومة الموريتانية سنة 2016 في أفق 2030 ويوفر هذا المشروع الجديد للمناطق الواحاتية البنى التحتية القاعدية الضرورية لتنميتها ودمجها في الدورة الاقتصادية الوطنية. كما يستند في بعض جوانبه على الإستراتيجية الوطنية لتنمية القطاع الخاص وخاصة جوانب معالجة وتسويق التمور الوطنية.
وتقع المنطقة الواحاتية الموريتانية على امتداد الشريط الصحراوي الجاف الذي يمتاز بندرة الإمطار ويعاني منذ عدة عقود من جفاف حاد، وقد تم غرس النخيل بصفة عشوائية وفق نظام استثماري تقليدي على حافة الوديان، ويتم ري النخيل عن طريق استغلال بحيرات جوفية سطحية كما يتم جلب المياه باستخدام أدوات بدائية مثل: "الدلو واشيلال".
ومع تغير المعطيات الهيدرولوجية ونظراً لتدني مردودية هذه الواحات التقليدية فقد أصبح من الضروري إدخال إصلاحات جديدة تتمثل في استصلاح مساحات جديدة وفقاً للمعايير الدولية للإنتاج وكذا البحث عن مصادر للمياه أكثر استمرارية بغية وضع نظام إنتاجي قابل للتطوير سيمكن من ارتفاع نسبة تغطية حاجاتنا من التمور والتي تقدر بـ 47 ألف طن من التمور حيث لا تنتج الـ 2.6 مليون نخلة إلا 27000 طن أي ما يساوي 56% من الطلب الوطني من التمور.
عدد اكتوبر 2020
2. المقاربة، الاستهداف ومنطقة التدخل:
يتبنى المشروع مقاربة شمولية تهدف إلى دعم الشعبتين الزراعيتين في المناطق الواحاتية (التمور والخضروات) وذلك بغية التحسين كماً وكيفاً من العرض الوطني في مجال التمور والخضروات وفي هذا المجال يعتمد استصلاح مساحات جديدة وفقاً للمعايير الدولية للإنتاج الواحاتي ومواكبة السلسلة من الغرس وحتى المعالجة وحفظ المنتوج.
ومن جهة أخرى لن يتخلى المشروع عن الواحات القديمة بل سيستمر في دعمها من خلال إدخال عدد كبير من المضخات التي تعمل بالطاقة الشمسية بغية تخفيض تكلفة الإنتاج على المزارعين، والعمل من جهة أخرى على تغذية البحيرات الجوفية من خلال بناء السدود والحواجز المائية على امتداد الوديان، وسيمكن الاستهداف من تمكين جهات هشة من الولوج إلى الملكية العقارية والزراعية من خلال استصلاح مساحات جديدة لزراعة النخيل والخضروات لصالح هذه الفئات الهشة المستهدفة التي لم تسبق لها ملكية في مجال النخيل.
سيتم تحديد منطقة تدخل المشروع بين الواحات أو المناطق المحاذية لها والأكثر احتياجاً في ولايات آدرار وتكانت ولعصابة والحوضين، أو غيرها من المناطق الزراعية الإيكولوجية المناسبة لشجرة النخيل وذات موارد مائية هامة ويكون ذلك طبقاً لأولويات الرابطات الواحاتية واللجنة الجهوية للتنمية. وتبدأ إجراءات البرمجة السنوية بطلبات الدعم المقدمة من طرف الرابطة ويلي ذلك المجلس الجهوي للتنمية الذي يحدد أولويات المناطق المستهدفة ويرتب لائحة بالمناطق المختارة بالنسبة لكل فئة من التدخلات وينتهي مسلسل البرمجة بمجلس التوجيه والمتابعة الذي يصادق على مخطط العمل والميزانية السنوية.
3 ــ الهدف العام: أهداف المشروع هي:
ـ إنجاز 1250 هكتار من المساحات الجديدة المخصصة للنخيل والتي تم استصلاحها وفقاً للمعايير الدولية للإنتاج ويتم تخصيص 10 % منها لزراعة الخضروات، أي ما يناهز 200 هـكتار جديدة.
2ـ مواكبة بساتين النخيل القديمة من خلال تجهيز 1000 بئر بالطاقات الشمسية من أجل ري 750 هـكتار من البساتين القديمة بالإضافة إلى وضع طاقم إرشاد زراعي وإدخال أصناف جديدة من النخيل وتثمين المنتوج من خلال دعم وتوسيع أول وحدة لمعالجة التمور يتم إنشاؤها في موريتانيا. وإن النسبة الكبيرة من الواحات الجديدة ستشكل فرصة للطبقات الهشة في الواحات للولوج إلى الملكية العقارية والزراعية.
4 ـ الوصف التقني ومكونات المشروع:
سيتم إنجاز المشروع من خلال المكونات التالية:
المكونة رقم (1): البنى التحتية الزراعة والمائية بكلفة إجمالية تبلغ (841.380.000) أوقية جديدة،87% منها بتمويل من الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي، أي ما يعادل (6.100.000) دينار كويتي.
المكونة الفرعية (1.1): البنى التحتية للري:
بكلفة إجمالية تساوي (741.380.000) أوقية جديدة، 87 % منها بتمويل من الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي، وسوف تستمر هذه المكونة في نشر مفهوم بساتين النخيل الحديثة بهدف مضاعفة المساحات المزروعة بأصناف النخيل المحلية والأجنبية ذات القيمة الاقتصادية العالية من خلال تطوير وحدات الري التي ستزرع بفسائل أنبوبية يتم استيرادها أو إنتاجها في المختبر الوطني لزراعة الأنسجة.
ستتم زراعة هذه الوحدات الجديدة على شكل وحدات ري مستقلة تتكون كل واحدة منها من:
- بئر واحد أو أكثر حسب منسوب المياه والمساحة المزروعة.
- محطة ضخ واحدة أو أكثر تبعاً لعدد الآبار في كل وحدة ري.
- خزان ماء واحد أو أكثر حسب المساحة.
- شبكة ري بالتنقيط، أو بأي نظام آخر ذي جدوائية في ترشيد الماء.
- حديقة من السياج بارتفاع 2 م لحماية البستان.
وقبل وضع هذه التجهيزات تتم ترتيبات تسوية الأراضي الغير مستوية والرملية وقد تم الاحتفاظ بنسبة 62,5 % من المساحة الإجمالية على أساس تجربة المشروع القديم أي ما يعادل 1250 هكتار، وتهدف هذه المكونة من خلال إنجاز200 بئر ارتوازية بمنسوب 20 م3 /س أو أكثر إلى استصلاح 1250 هـكتار جديدة وفقاً للمعايير الدولية لاستصلاح الواحات على غرار الاستصلاحات الجديدة في الدول الواحاتية (المغرب، تونس، الجزائر، الإمارات العربية المتحدة، الخ) وستشمل هذه المساحة حوالي 10% من زراعة الخضروات أي ما يناهز 200 هـكتار جديدة يتم دمجها في هذه الحدائق التي سيتم انجازها.
أما بالنسبة للواحات القديمة فسيتم تجهيز 1000 بئر فيها لتغطية حوالي 750 هـكتار وسيمكن تجهيز كل بئر من ري حديقتين أو أكثر تتراوح مساحتها ما بين 0,25 هـكتار إلى 0,33 هـكتار أي بمعدل 0,75 هـكتار لكل طاقة شمسية.
المكونة الفرعية (1.2): البنى التحتية لتغذية البحيرات الجوفية:
بكلفة إجمالية تبلغ (100.000.000) أوقية جديدة، 87% منها بتمويل من الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي، ستمكن هذه المكونة الفرعية من متابعة بناء بنى تحتية خفيفة غير مكلفة وفعالة في مجال مكافحة انجراف التربة كما تساهم في تغذية البحيرات الجوفية السطحية التي تزود الآبار والنخيل كالحواجز المائية والتجهيزات المختلفة للحفاظ على المياه والتربة وتشكل عتبات التباطؤ الخمسين، وأعمال الحفاظ على المياه والتربة المقرر إنجازها على مستوى عشرين حوض مائي أدوات فعالة لمكافحة انجراف التربة، الذي من شأنه أن يقلص من المساحات الزراعية. وبفضل أنشطة التحسيس والتكوين ستمكن هذه المكونة من ترسيخ بعض المفاهيم والتجارب المتعلقة بالتسيير المستديم للتربة من أجل الحفاظ على الأراضي الصالحة للزراعة في مستوى من الاستغلال يسمح للسكان بتلبية احتياجاتهم الأساسية.
المكونة رقم (2): تثمين الإنتاج:
بكلفة إجمالية تبلغ (80.000.000) أوقية جديدة،87 % منها بتمويل من الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي، أي ما يعادل (580.000) دينار كويتي. وسيتم تخصيصها لرفع أداء وحدة معالجة التمور الموجودة بإطار لتتمكن من الوصول إلى المستوى الاقتصادي المربح ورفع قدرتها على المعالجة من 500 إلى 1000 طن من التمور سنوياً.
ومن المحتمل وفقاً لخدمة العمل الأولية أن يمنحها هذا المستوى الاستقرار والربحية الضرورية بالإضافة إلى الاستقلال الذاتي على المدى الطويل وستمكن الاستصلاحات الجديدة من بناء أربع غرف إضافية للتبريد تبلغ سعتها الإجمالية 500 طن مع تركيب حقل شمسي سيمكن من تزويد المصنع بالكهرباء بالإضافة إلى اقتناء صناديق إضافية لحفظ 1000 طن من التمور كما سيتم إنشاء وحدة لمعالجة الماء بالإضافة إلى أشغال إضافية أخرى. وستمكن هذه المكونة بتمويل إضافي ضمن الدعم المؤسسي من دعم المختبر الوطني لتكثير النخيل بالمعدات الأساسية والتكوين لتمكينه من إنتاج 200.000 فسيلة أنبوبية سنوياً.
المكونة رقم (3): الدعم التقني:
الكلفة الإجمالية (125.517.200) أوقية جديدة،87 % منها بتمويل من الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي. ستمكن هذه المكونة من انجاز الدراسات الهيدرولوجية والجيوفيزيائية والطبوغرافية الضرورية لإنجاز الإشغال المبرمجة بالإضافة إلى التعاقد مع مكاتب للرقابة كما سيستمر العمل في التعاقد مع الخبراء والتقنين لتعويض النقص في التابعة الملاحظ خلال المراحل الماضية.
المكونة رقم (4): الدعم المؤسسي:
الكلفة الإجمالية (41.380.000) أوقية جديدة، 87 % منها بتمويل من الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي. ستمكن هذه المكونة من اكتتاب طاقم تقني في مجال الإرشاد الزراعي على شكل وحدات متنقلة يتم تجهيزها وتكوينها لتشكل مستقبلاً منها خدمية مستديمة في مجال الإرشاد الزراعي، كما ستساهم هذه المكونة في توفير الوسائل المادية واللوجستية الضرورية للإشراف والمتابعة لأنشطة المشروع على المستوى الميداني (8 سيارات) كما تمكن من اقتناء أدوات مكتبية ووحدات معلوماتية لصالح مصالح المشروع في المنسقية والوحدات الجهوية. وسيمكن الدعم التقني من تقديم خدمات نوعية لصالح المزارعين المتميزين من اجل تطوير منتوجهم.
المبالغ الغير مخصصة:
وتبلغ قيمتها الإجمالية (153.103.500) أوقية جديدة. وسيخصص هذا البند لتمويل فجوات البرمجة وتغييرات التكلفة طيلة تنفيذ المشروع وستتم إعادة تخصيصه وفقاً للعجز والأولويات لمكونات المشروع في منتصف المدة.
5. التمويل ومدة المشروع:
تمويل المشروع (1.241.380.700) أوقية جديدة، منها (161.390.700) أوقية جديدة كمساهمة من الحكومة الموريتانية بما في ذلك الضرائب ومستحقات العمال بالإضافة إلى نفقات تسيير وحدات تنفيذ المشروع.
و(1.080.000.000) أوقية جديدة كتمويل من الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي أي ما يعادل (9.000.000) دينار كويتي تم تقديرها بقيمة تقريبية تساوي 120 أوقية جديدة/دينار كويتي. والمدة التقريبية لتنفيذ المشروع هي (60) شهراً أي 5 سنوات.
6. النتائج والتأثيرات المتوقعة للمشروع:
مع الأخذ في الاعتبارات بتأخر إنتاج النخيل ومعرفة أن إنتاج النخيل المزروع حديثاً يستغرق من 4 إلى 5 سنوات فإن مدة 7 سنوات من السنة الأولى للمشروع كافية لإنتاج جميع أشجار النخيل.
الخاتمة
يتضح من سيناريو التنفيذ أعلاه أنه في النهاية سيمكن المشروع من زيادة إنتاج الواحات بمقدار 14.500 طن من التمور عالية الجودة وخاصة تلك القادمة من الواحات الجديدة و 4000 طن من الخضروات سنوياً هذا بدعم من وحدة معالجة التمور التي ستضمن عرضاً سنوياً يبلغ 1000 طن من التمور الوطنية عالية الجودة تتم معالجتها وطرحها في الأسواق على امتداد جميع أشهر السنة كما يجب أن نتذكر أيضاً أن التأثير الايجابي للمشروع سيتركز بشكل أساسي لصالح الفئات الضعيفة من السكان لاسيما الشباب وصغار المنتجين من ذوي الدخل المنخفض وسكان الواحات الذين لم يسبق لهم أن استفادوا من ملكية في الواحات، وإجمالاً ستستفيد 6000 شخص من الواحاتيين من دعم المشروع.